Wednesday, October 18, 2006

إرتفاع الرصيف و قضايا متعلقة


إرتفاع الرصيف و قضايا متعلقة


يحلو لي أن أذكر كيف يختصرالمواطن البريطاني وصف كبير السن و الكهل و العجوز في إصطلاح Senior Citizen وهو ما يمكن ترجمتة إلي "مواطن عظيم" ...... علي وزن "ضابط عظيم" أو ما شابة ذلك في قشلاق مصر المحروسة و ما يتبعها.

أنظر حولك في حاضرة الانجليز و في قراهم و في نجوعهم تجد مدارج مخصصة لهم بجوار السلم, حيث يمكن للعجوز ضعيف الجسد أن يصعد أو يهبط من مستوي في الشارع أو "المول" إلي مستوي آخر, بدون مجهود أو تعب, و إذا أمعنت النظر أكثر تجد وفود من "العواجيز" يركبون كراسي كهربائية جميلة الألوان يتمشون بها في الشارع و في السوق و علي كل كرسي سلة لطيفة ممتلئة بمشتريات اليوم.

ربما يكون ذلك شئ كثير أو دلع مِرق ليس لنا طاقة بة في مثل أحوالنا البائسة, لكن الصبر جميل, و هو مفتاح الفَرَج, فليس الهدف هو عمل مقارنة بين بلاد عندها إمكانيات و بلاد تعبانة خالص, فليس في ما سبق ذكرة إمكانيات و لا يحزنون, فالإنجليز ليسوا أهل الإمكانيات في هذة الأيام, الإمكانيات في دول أخري يا أخي المواطن.

رأيت في سويسرا وفي أوائل الثمانينيات أتوبيس يميل علي جنبة قليلا عند الوقوف في المحطة, و ذلك حتي يقل إرتفاع السلم و يسهل صعود و نزول العجوز, و رأيت في ألمانيا ترام يعمل نفس الحركة, و رأيت في سان دييجو في كاليفورنيا قطار ينزل من بابة ونش أشبة بالصينية يقف عليها الكهل أو المعاق فيرفعة الونش من رصيف المحطة إلي داخل القطار أو العكسْ.

نعود إلي موضوعنا و هو أننا لا نطلب أن تكون في مصر مثل هذه الأفكار النيرة التي تكلف كثيراً, و علي رأي المثل : علي قد لحافك مد رجليك. ولكن مطلبنا هو أقل القليل, فلا يصح أن يكون فعلنا في كبارنا هو علي العكس تماماً مما سبق شرحة في بلاد النزاهة, فنحول شوارعنا و أرصفتنا إلي سباق في قفز الحواجز يستعصي علي أتخن متسابق أوليمبي, فما بالك بالعجوز و العجوزة.

تتسابق الأحياء و المحليات في إنشاء أرصفة منيفة, عظيمة الإرتفاع حتي يستعصي علي السيارات ركوبها بغرض الركن, و الركن هو إنتظار السيارة في مكان ما لفترة ما, فمن المعلوم أن كل سيارة تسير في الشارع سوف تقف بعد حين, فمن المستحيل أن تقود سيارتك مدي الحياة, و هو الحال في القاهرة مثلاً إذا أردت أن تمتنع عن الركن في الممنوع إمتناعا ً تاما ً, فمسئلة توفير أماكن إنتظار للسيارات هي مسئلة مؤجلة خمسين سنة و يزيد في بلد اللي بناها كان في الأصل حلواني. و لست أدري من يبنيها الآن, من هو صاحب الفكرة الفُللي التي تحل مشكلة الإنتظار في الممنوع بزيادة إرتفاع الرصيف و إلي أي حد يمكنك رفع الرصيف و كم يتكلف رصيف إرتفاعة 40 سم في مقابل الرصيف بتاع زمان (18 سم تقريبا)؟ يمكن الفرق كان يجيب لنا أتوبيسين من بتوع سويسرا و دي حاجة ممكن تخللي المحافظ يعمل فُنت علي المحافظين زمايلة في المنطقة اللي معندهمش أتوبيس بيميل علي جنبة.

هل رأيتم عجوز تعبر شارع, لقد توقفت مرارا ً لملاحظة هذه المهزلة. و لن أذكر كل السيناريو الخاص بقلة أدب سائقي السيارات و خلافة في مسئلة عبور الشارع و ذلك قد يكون لة مقال آخر, أذكر فقط نزول الرصيف و صعودة أربعة مرات (الشارع رايح جاي) و في كل مرة كانت تسير علي الرصيف أو في الشارع (نزولا ً و صعودا ً) مسافة ما حتي تجد شيئا ً ما تسند علية و تتكئ, سيارة منتظرة, ثلاجة كازوزة, شاب أو عابر بجوارها, فصعود أو نزول 40 سم بدون مسند يد هو من باب التعذيب لإنسان أشتعل فية الرأس شيبا ووهن العظم منة, و قبل أن تفعل هذا فهي تضع الكيس النايلون الذى تحملة (شكلة ثقيل عليها) علي الأرض ثم تحملة مرة أخري بعد أن تقتحم العقبة, و هي بعد أن أكرمها اللة و وصلت بر الأمان في الناحية الأخري من الشارع, تنحني و تسند علي ركبها و ذلك يفيد التعب الشديد و عدم القدرة علي صلب الظهر. واللة حرام يا ناس نعمل كدة في المواطن العظيم دة.

ثم أن الرصيف العالي جدا ً هذا يستلزم سيارات ذات مواصفات خاصة يكون لها إرتفاع سيارات النقل التقيل, فأن لم تكن تمتلك لوري ماجيروس أو سكانيا لن تتمكن من فتح باب السيارة, الذي هو 10 سم أقصر من إرتفاع الرصيف. و بما أن أغلب سكان المحروسة يركبون الملاكي فهم إذا ركنوا لينزل أحد أو يصعد للسيارة, فهو يركن في نهر الطريق حتي يتمكن من فتح الباب دون أن يجرحة في الرصيف. و غنيا عن التعريف أن شوارعنا ممتلئة بسيارات تركن (في الصح أو في الغلط) علي بعد 50-70 سم من الرصيف فقد أصبحت عادة الركن هكذا, و علي رأي المثل : إبنك على ما تعودة.

لقد بدئنا الحديث في قصة إرتفاع الرصيف و هي قصة تسترعي الإهتمام ممن يهمة الأمر من أبناء هذا الشعب, فهي تحتوي علي مدي إهمالنا لكبار السن فينا, و هو في الواقع إهمالنا في نفسنا, فكلنا هذه العجوز التي عبرت الشارع أمامي, فليس منا من سيبقي شابا ً إلي نهاية العمر. كما تحتوي القصة علي مؤشرات لغياب التخطيط الفعال لسنوات طويلة جدا ً جدا ً لم يعد ينفع معها التبرير أو المناورة. وكذلك توضح لنا القصة نواحي في عشوائية حل المشاكل الناتجة عن هذا الشلل التخطيطي, و الإعتماد علي أسلوب الهمبكة و الحل السريع و السهل بحيث ينطبق المثل القائل : جة يكحلها عماها علي عموم حل مشاكل مصر. و الشئ الخطير الذي يظهر عابرا في نفس القصة هو تدريب المواطن علي ثقافة الأنانية (يالا نفسي) و حل مشكلتة فرديا بأعطائة السببية و العذر في فعل العيب و الغلط حتي صار العيب و غياب الأخلاق ظاهرة لا تستثير دراسة و لا إهتمام و لا تقويم.

و إنما الأمم الأخلاق ما بقيت, فأن هم ُ ذهبت أخلاقهم ذهبوا.

و السلام عليكم و رحمة اللة.

1 comment:

Anonymous said...

Why don't you publish that on newspapers, we need to read more and more debates about that. My grandfathr stopped going out because he can not go up and down in street of his home.